ليست هذه الصور التي يدعيها النصارى للمسيح عليه السلام وأمه صورا حقيقية ، إنما هي من محض الخيال
فالنصارى يزعمون أنهم رأوا الله في صورة المسيح ابن مريم عليه السلام – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا –
راجع : “مجموع الفتاوى” (3/392)
وقد روى أبو داود (4324) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ – يَعْنِي عِيسَى – وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ : رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ ( أي بين ثوبين فيهما صفرة خفيفة ) كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ … )
صححه الألباني في “صحيح أبي داود”
فلم يعول صلى الله عليه وسلم على صورته التي بأيدي النصارى ، ولو كانت حقيقية لعول عليها ، ولمَا قال : ( فإذا رأيتموه فاعرفوه ) ثم شرع في وصفه
وروى البخاري (3352) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَام بِأَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ فَقَالَ : ( قَاتَلَهُمْ اللَّهُ ، وَاللَّهِ إِنْ اسْتَقْسَمَا بِالْأَزْلَامِ قَطُّ )
ولقد كان بلاء الناس في أصل دينهم من وراء هذه التصاوير التي يصورونها ، فيمجدونها ويعظمونها ثم يعبدونها
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
” وكَانَ الشِّرْكُ الَّذِي أَضَلَّ أَكْثَرَ بَنِي آدَمَ أَصْلُهُ وَأَعْظَمُهُ مِنْ عِبَادَةِ الْبَشَرِ وَالتَّمَاثِيلِ الْمُصَوَّرَةِ عَلَى صُوَرِهِمْ ”
فروى البخاري (427) ومسلم (528) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
والخلاصة
أنه لا يوجد دليل واحد على أن تلك الصور التي بأيدي النصارى للمسيح وأمه عليهما السلام صور حقيقية ، بل الدليل على خلافه
والله تعالى أعلم